ثقافة

السودان يفقد رائده الموسيقي : رحيل الدكتور عبد القادر سالم

متابعات : ريام نيوز

بورتسودان 17-12-2025 (سونا)- رحل أمس إلى دار الخلود الفنان السوداني الكبير والموسيقار والأكاديمي الدكتور عبد القادر سالم، عن عمر ناهز 78 عاماً، بعد مسيرة فنية وإنسانية حافلة بالعطاء، شكّل خلالها أحد أبرز أعمدة الأغنية السودانية، وأسهم بأعماله الغنائية والموسيقية والبحثية في ترسيخ الهوية الثقافية والفنية للبلاد.

ويُعد الراحل من الرموز الفنية التي حظيت باحترام واسع داخل السودان وخارجه، لما تميّز به من تقديم واعٍ للهوية الوطنية والأغنية المحلية في المحافل العالمية، إلى جانب إسهامه البارز في تطوير وحفظ الموروث الشعبي، لا سيما تراث إقليم كردفان، الذي مثّله سفيراً صادقاً في مختلف المنابر الإقليمية والدولية.

عرف الدكتور عبد القادر سالم بكونه أحد أبرز الموسيقيين السودانيين، حيث قدم أعمالًا فنية رائعة أثرت في الوجدان السوداني.

بدأ حياته الفنية في سن مبكرة، وسرعان ما أصبح أحد الأسماء البارزة في عالم الموسيقى السودانية حيث ساهم في إثراء الساحة الفنية السودانية بأعماله الموسيقية الرائعة، التي شملت الأغاني الكردفانية والأغاني الوطنية كما عمل على الحفاظ على التراث الموسيقي السوداني، وساهم في تعريف العالم بأهمية الموسيقى السودانية.

من هو عبد القادر سالم؟

يُعدّ الدكتور عبد القادر سالم أحد أبرز رواد التجديد في الموسيقى السودانية، ومن الأصوات التي أسهمت بعمق في توسيع أفق الأغنية القومية خارج القالب الخماسي التقليدي منذ ستينيات القرن الماضي، ثابر بصبر وجمال على تقديم تجربة موسيقية واعية جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وأسست لمسار غنائي يعترف بتعدد السودان الثقافي والموسيقي يتخذ من الموروث الغنائي المجتمعي والبيئي مدخلا تعريفيا لاعماله.

بدأ مشواره بمعهد إعداد المعلمين بالدلنج، ثم فرقة فنون كردفان بمدينة الأبيض عام 1964، قبل أن يجاز صوته رسمياً من لجنة الألحان والأصوات بالإذاعة السودانية عام 1967 وحصل على البكالوريوس من المعهد العالي للموسيقى والمسرح، ثم درجتي الماجستير والدكتوراة في الفنون، حيث تناول في أطروحاته الغناء والأنماط الموسيقية بإقليم كردفان ودور البيئة في تشكيلها.

قاده شغفه بالموسيقى والتراث للسفر إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا، حيث مثّل السودان في مهرجانات دولية، مقدماً الموسيقى السودانية بثرائها المقامي وتنوعها، وحظي بإشادات واسعة كما ترك بصمات واضحة في العمل النقابي والثقافي والتعليمي، جامعاً بين دور الفنان، والأكاديمي، والمثقف الملتزم بقضايا مجتمعه، ليصبح أحد أهم القامات الفنية والفكرية في السودان.

تعازٍ رسمية واسعة:

ونعى وزير الثقافة والإعلام والسياحة الأستاذ خالد الإعيسر، ووكيلا الوزارة، والعاملون بالوزارة، الفقيد، واصفين إياه بالمعلم المبدع والموسيقار والباحث، الذي ترك بصمة خالدة في الوجدان السوداني، وأحد أعمدة الغناء السوداني المعروف بمواقفه الوطنية وأخلاقه الرفيعة.

كما نعى مجلس السيادة الانتقالي الراحل، ووصف فقده بأنه فقد أحد أبرز رواد الموسيقى السودانية، مشيداً بشغفه الكبير بالتراث السوداني، وجهوده الأكاديمية والفنية في التعريف به عالمياً، خاصة التراث الكردفاني الأصيل.

بدوره، نعى رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس وأعضاء مجلس الوزراء الفقيد، معبرين عن تعازيهم للشعب السوداني في فقدان قامة فنية وثقافية رفيعة، وسفير للتراث السوداني، ترك إرثاً فنياً وعلمياً سيظل هادياً وملهماً للأجيال القادمة.

وفي السياق ذاته، نعى واليا ولايتي شمال وغرب كردفان وأعضاء حكومة الولايتين وشعبهما قاطبة، عند الله تعالى، الفقيد، واصفين إياه بأحد أعظم فناني كردفان، الذين تغنوا للوطن وأسهموا في نقل التراث الكردفاني إلى المحافل الإقليمية والدولية، إضافة إلى دوره في العمل النقابي ورئاسته لاتحاد الفنانين والموسيقيين السودانيين.

عميد الفن السوداني”:

وصفه به حاكم إقليم دارفور، مناوي، معتبراً رحيله خسارة وطنية جسيمة لفقدان رمز الإبداع والعطاء.

“صوت كردفان وراوي تراث غرب السودان”:

أشار إليه تقرير العربية، مؤكداً أنه كان يجمع بين الأصالة والتجديد ونقل التراث إلى العالمية بأبعاد أكاديمية.

“أبرز أعمدة الموسيقى”:

نوه مجلس السيادة السوداني بشغفه بالتراث وإسهامه في التعريف به عالمياً، مشيراً إلى اجتهاده الأكاديمي.

“سفير الأغنية السودانية”:

وصفه به والي غرب كردفان، مؤكداً دوره في إثراء الساحة الفنية ونشر الثقافة السودانية.

“ملهم للأجيال”:

أكد الكثيرون أن إرثه الفني والعلمي سيبقى شاهداً ومصدر إلهام، وأنه صنع من الفن رسالة وقدرة على عبور الحدود.

وداع عبر “تراثه الفني”:

أشير إلى أن مليشيات الحرب الارهابية سرقت وحطمت تراثه الفني، مما زاد من عمق الحزن، لكن صوته في الوجدان لا ينطفئ.

رحيل عبد القادر سالم اعتبر حدثاً مؤلماً للسودان، حيث غاب صوت فني وثقافي كبير جمع بين الأصالة والمعرفة، وأثرى الوجدان السوداني وساهم في التعريف بتراثه العريق

كما عبّر عدد من القيادات الوطنية، من بينهم مني أركو مناوي، ومجالس وهيئات فنية ومهنية، عن حزنهم العميق لرحيل الدكتور عبد القادر سالم، مؤكدين أن فقدانه يمثل خسارة وطنية جسيمة، وأن إرثه الفني والعلمي سيظل حاضراً ومصدراً للإلهام، رغم توقف موسيقى وإيقاعات الجراري في بوادي وحواضر دار الريح في الخوي والنهود وود بندا وإيقاعات المردوم في بوادي وحواضر مدن الفولة والمجلد وبابنوسة بفعل حرب الميليشيا الارهابية.

مراسم التشييع:

ووري جثمان الموسيقار الدكتور عبد القادر سالم الثرى اليوم بمقابر حمد النيل بمدينة أم درمان، وسط حضور واسع ضم أسرته، ورفاق دربه، وجموع الفنانين والمثقفين، إلى جانب رموز سياسية ومجتمعية، في وداع يليق بقامة فنية وطنية تركت أثراً لا يُمحى في تاريخ السودان الثقافي.

رحم الله عبد القادر سالم رحمةً واسعة، وجعل ما قدّمه لوطنه وشعبه في ميزان حسناته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى