
متابعات ريام نيوز
التوكّل خُلُقٌ عظيم من أخلاق القلوب، يجمع بين حسن الظن بالله وبذل الأسباب، وهو تعبير صادق عن الإيمان بأن الأمر كله بيد الله وحده. فالمؤمن يتوكّل، لأنه يعلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وقد أمر الله عباده بذلك فقال:
﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
والتوكّل لا يعني ترك السعي أو التواكل، بل هو عمل القلب مع حركة الجوارح، فالمؤمن يأخذ بالأسباب وهو مطمئن إلى أن النتائج بيد الله. وقد بيّن النبي ﷺ هذا المعنى بوضوح حين قال:
«لو أنكم تتوكّلون على الله حق توكّله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا»
وكان رسول الله ﷺ أعظم الناس توكّلًا على ربّه، ومع ذلك كان أحكمهم تدبيرًا وأخذًا بالأسباب، ففي الهجرة خطّط وأعدّ، ثم سلّم قلبه لله، وقال لصاحبه في أشد لحظات الخوف:
﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾
والتوكّل يورث القلب طمأنينة لا يعرفها القلقون، فمن عرف أن الله كافيه، استراح من حمل الهموم، وسلم من الجزع، وعاش بين الناس ثابت القلب، راضي النفس. ومن صدق توكّله على الله كفاه، كما قال سبحانه:﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
وفي يوم الجمعة، يوم الثقة بالله وتجديد العهد معه، نتعلّم أن التوكّل ليس هروبًا من الواقع، بل يقينٌ بأن الله يدبّر الأمر كله بحكمة ورحمة، ومن توكّل عليه صدقًا، لم يخذله الله أبدًا.



