إيمان مزمل الرشيد تكتب / ميلاد جديد لمدن الصمود: فك الحصار وإعادة الحياة إلى الأبيض وكادقلي والدلنج

ميلاد جديد لمدن الصمود: فك الحصار وإعادة الحياة إلى الأبيض وكادقلي والدلنج/ إيمان مزمل الرشيد
ريام نيوز ٢٥ فبراير ٢٠٢٥م
يُعد فك الحصار عن مدن الأبيض، كادقلي، والدلنج، حدثًا فارقًا ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضًا من منظور إنساني واجتماعي. فهذه المدن تشكل نقاطًا استراتيجية اجتماعيا واقتصاديا وتربط ولايات كردفان ودارفور بولايات السودان المختلفة، كما أن سكانها عانوا من أوضاع إنسانية قاسية خلال الحصار، حيث واجهوا نقصًا حادًا في الغذاء والدواء، وانقطاعًا في الماء والكهرباء والاتصالات، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الصحية والتعليمية، وحرم آلاف الطلاب من حقهم في التعليم، بما في ذلك طلاب الشهادة السودانية في الدلنج عام ٢٠٢٣م
إلى جانب الأحداث الأخيرة في كادقلي لتضيف جرحًا جديدًا إلى معاناة السكان، حيث فقدت المدينة عشرات الضحايا الأبرياء والعزل في هجمات مأساوية هزّت وجدان الجميع. ولم تقتصر المعاناة على فقدان الأرواح، بل امتدت إلى المستشفيات التي اكتظت بالمصابين في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما أجبر الأطباء على إجراء عمليات جراحية في ظروف قاسية، حتى دون توفر أساسيات التخدير والتحضير الطبي. هذا الواقع الأليم ترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة، أبرزها الشعور بعدم الاستقرار والخوف من المستقبل المجهول. فك الحصار عن المدينة لا يعني فقط استعادة السيطرة، بل هو بداية لمعالجة هذه الجروح العميقة، وإعادة الأمل لسكان كادقلي الذين انتظروا طويلاً لحظة الخلاص.
مع هذه البشريات السعيدة، تبدأ مرحلة جديدة من التعافي وإعادة البناء الاجتماعي. وهذا يعني فتح الأبواب أمام النازحين للعودة إلى ديارهم، ولمّ شمل الأسر، وإحياء الاقتصاد المحلي، مما يسهم في استعادة النسيج الاجتماعي ويعزز فرص المصالحة بين الفئات المتأثرة بالصراع. مع تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والمواطنين، يمكن لهذه المدن أن تعود إلى دورها كمراكز تنموية فاعلة، تنبض بالحياة والتعايش السلمي.
إن فك الحصار ليس مجرد انتصار عسكري في أرض المعارك، بل هو بداية لإعادة البناء الاجتماعي والاقتصادي في تلك المدن. يلزمنا تكاتف الجهود بين الحكومة، المجتمع المدني، والمواطنين، من أجل سودان أكثر استقرارًا وتماسكًا، حيث تعود هذه المدن المحررة إلى دورها في التنمية والتعايش السلمي.