الأمل الجديد: إيمان مزمل تكتب في يوم تُرفع فيه الأقدار… متى يُرفع عن كادقلي البلاء؟

الأمل الجديد: إيمان مزمل تكتب
في يوم تُرفع فيه الأقدار… متى يُرفع عن كادقلي البلاء؟
ريام نيوز – ٥ يونيو ٢٠٢٥م
في زمنٍ امتلأ بالضجيج والتسارع، يجيء يوم عرفة ليهمس في أذن الإنسانية بالسكينة، ويعيد ضبط إيقاع القلب على الصفاء.
يومٌ تتنزل فيه الرحمات، وتُرفع فيه الدعوات، وتُغسل فيه الذنوب، كما تُغسل الأرض بماء الرحمة.
إنه يوم الأمل المتجدد، يومٌ تعود فيه الأرواح إلى نقائها الفطري، وتستفيق القلوب من سباتها، لتلامس شيئًا من نور السماء.
يوم عرفة نفحة ربانية يمنحها الله لعباده، أينما كانوا.
في ساعاته الطاهرة تتبدد الظلمات، وتُولد أحلام وآمال جديدة.
هو فرصة روحية عميقة، تسع الكون بمن فيه، وتمنح القلوب اليقين بأن الغد أفضل، مهما اشتدت حلكة الحاضر.
لكن… وبينما يعيش العالم هذه اللحظات الروحية، يبقى القلب معلّقًا، مثقلاً بالشوق والحزن، على أهله في كادقلي…
تلك المدينة الصابرة التي لا تملك في هذا العيد إلا التماسك والدعاء.
كادقلي… حين تشتد المحنة
في كادقلي، لا يمر العيد كما يتمناه الناس.وكل ذلك نتيجة مباشرة للحرب التي حرمت الناس من أبسط حقوقهم. وضع المنطقة هذه أكثر خصوصية، حيث تعاني من تمرد مزدوج من الحركة الشعبية جناح الحلو ومليشيا الدعم السريع المتمردة
الأسواق أثقلها الغلاء، والاحتكار يزيد من معاناة الناس.
الكهرباء غائبة عن البيوت، والماء مطلب يومي شاق، والخبز لا يصل إلا بعد عناء.
أما انقطاع شبكات الاتصال، فلا يزيد الناس إلا عزلة وألماً، في وقتٍ يحتاجون فيه لصوت يطمئنهم، ولخبر يخفف عنهم ثقل الانتظار
نُدرك جيدًا حساسية الوضع الأمني، والحاجة إلى الانضباط والحيطة،
في هذه الأيام التي تتنزل فيها المغفرة والسكينة – نرجو أن يُؤذن للناس بأبسط حقوقهم في التواصل.
فالصوت الذي يصل قد يحمل أمانًا، والدعاء الذي يُسمع قد يفتح باب فرج..ونرجو من أبناء المنطقة في التمرد أن يعيدو النظر في مواقفهم ورفع المأساة عن مواطنيهم بسبب حصارهم للمنطقة
أهل كادقلي لا يتألمون لأنهم فقدوا الرجاء،
بل لأنهم أنهكهم التظاهر بالصمود.
يخفون قلقهم في زوايا البيوت المتواضعة، بين حبات الذرة ووعاء العجين،
ويواجهون الأيام بثباتٍ عفوي، ينتظرون فرجًا قريبًا، أو نظرة رحيمة من مسؤول تضع حدًا لهذا الضيق المستمر.
في يوم عرفة، نرفع أكف الدعاء، لا لأننا ضعفاء،
بل لأننا نعلم أن هذا اليوم موعد مع الله،
وأن الأقدار تُبدَّل فيه، والذنوب تُمحى، والقلوب تُروى بماء اليقين.
ندعو لكل موجوع في كادقلي،
ولكل قلب متعب في السودان،
بل وفي كل بقعة في هذا العالم الذي يئن.
سيأتي الخير، ولو طال الطريق.
وسيبقى يوم عرفة توقيعًا من السماء على وعد لا يُخلف:
أن بعد العسر يُسرًا، وأن بعد الليل فجرًا.
وفي هذه الأيام المباركة، وبينما نرفع أكف الدعاء إلى السماء،
نُوجه نداءً عاجلاً إلى كل مسؤول، وكل صاحب قرار:
أن تضعوا حدًا لمعاناة أهلنا في كادقلي.
إن أبسط حقوقهم في التواصل وتوفير الاحتياجات الأساسية ليست مجرد طلب، بل هي ضرورة إنسانية ملحة.
كل عام وأنتم بخير،
ونسأل الله أن يُنعِم علينا بالأمن، والسكينة، والعدل،
وأن يعود السودان آمنًا مستقرًا، كما يحب أهله ويستحق.