الأمل الجديد إيمان مزمل الرشيد تكتب: اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية: السودان بين التنوع والتحدي

الأمل الجديد
إيمان مزمل الرشيد تكتب:
اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية: السودان بين التنوع والتحدي
ريام نيوز ١٨ يونيو ٢٠٢٥م
يحيي العالم في اليوم الثامن عشر من يونيو، اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية، الذي أقرته الأمم المتحدة بوصفه مناسبة سنوية تهدف إلى التوعية بخطورة هذا النوع من الخطاب وأثره المدمر على المجتمعات، والدعوة إلى تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، وإرساء قيم التسامح والاحترام المتبادل.
في السودان، وفي هذا الوقت الذي يمر به تبدو هذه المناسبة أكثر من مجرد يوم رمزي يحتفى به بل هي دعوة ملحة للوقوف عند ما أحدثته الحرب من شروخ اجتماعية، وتفاقم لخطابات الكراهية التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي الوطني في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ البلاد.
التعدد والاختلاف لا يعني التنافر
لطالما تميز السودان بتنوعه ، وهو تنوع ظل –في فترات الاستقرار– مصدر غنى وقوة، حيث تتعايش قبائل ومجتمعات متعددة في أطر اجتماعية واحدة تتقاطع فيها التقاليد والعادات واللغة والموروث الشعبي. غير أن هذا التعدد والتنوع لم يُدار بالوعي الكافي الذي كان قد يكون قوة عظيمة للدولة، ولكن بعض الجهات والدول حتى الأشخاص الذين لايريدون استقرارا للسودان استغلت هذا التنوع ليصبح مدخلاً لإذكاء النعرات والتمييز، بل وتبرير الإقصاء والعنف بين أفراد المجتمع الواحد.
الحرب في السودان
افرزت الانتماء إلى تهمة
أججت الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عاميين مظاهر الاستقطاب، وخلقت فجوات عميقة في الخطاب ، حيث باتت الانتماءات الجغرافية أو العرقية تستخدم أحيانا كأساس للتخوين أو الاتهام، كل هذا يسبب وبشكل خطيرة جدا انتكاسة لقيم التعايش السلمي التي ظل السودانيون يتباهون بها عبر عقود.
لم يعد مستغربًا أن نرى على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات تحمل شتائم وتهديدات صريحة لمجموعات معينة فقط لأنها تنتمي إلى مدينة ما أو قبيلة بعينها. وامتد خطاب الكراهية إلى ما هو أبعد من الكلمات، فصار تمهيدًا لانتهاكات على الأرض، ومبررًا ضمنيًا للإقصاء والعنف، في ظل غياب وتراجع خطاب العقل والحكمة.
التسامح هو الخيار الوحيد
في ظل هذا الواقع، يصبح اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية أكثر من مجرد شعار أممي، بل محطة لمراجعة الذات، وإعادة التفكير في مسؤولياتنا كمجتمعات وأفراد تجاه بعضنا البعض. من واجب كل شخص ان يلعب دورًا واضحا في مواجهة هذه الموجة، عبر بث رسائل إيجابية،لاسيما الجهات والمؤسسات وسائل الاعلام ،رجال الدين حتى ان تستصحب في المدارس لتعزيز خطاب الوحدة الوطنية، نريد أن نكون يدا واحدة في مواجه كل من يريد ان يزعزع وحدة المجتمع وفضح كل ما من شأنه تقسيم الصف السوداني.
لا يكفي أن نستنكر خطاب الكراهية عند سماعه، بل يجب أن نمارس مقاومته في محيطنا اليومي في المنزل، في المدرسة، في مكان العمل، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. فكل تعليق مسيء أو تلميح عنصري هو لبنة في بناء الكراهية، وكل صمت عن الظلم هو قبول به.
في هذا التوقيت من تاريخ السودان، لا بد أن نتذكر أن الحرب لا تبرر الحقد، وأن الألم لا يبرر الانتقام، وأن التنوع والاختلاف لا يعني العداء. فلنعمل معا، كل في موقعه، على أن يكون خطابنا مشبعا بالحب والانتماءالى الوطن الكبير ، وان نؤمن حقا بأن الوطن يسع الجميع.