الأعمدة ومقالات الرأي
أخر الأخبار

الأمل الجديد | إيمان مزمل الرشيد تكتب: ماذا تبقّى لمواطن كادقلي؟

الأمل الجديد | إيمان مزمل الرشيد تكتب: ماذا تبقّى لمواطن كادقلي؟

ريام نيوز – ٢٢ يوليو ٢٠٢٥م

في كادقلي، تلك المدينة التي يسكنها الألم والهموم قبل أهلها، لم يعد الحزن خبراً، ولا الألم حدثاً. هناك، حيث يتوسد المواطن الفقر، أضيفت اليوم مأساة جديدة إلى دفتر المعاناة الطويل، بعد أن عاشت المدينة فصولاً من الحصار والجوع والغلاء، لتعيش الآن فصلاً من النهب والتخريب، طال سوقها الرئيسي، ذاك المتنفس الوحيد لمن بقي على قيد الأمل. سوق لا يحتوي على سلع رفاه، بل على بعض الأساسيات التي لم يعد معظم الناس قادرين على شرائها.

لنتجاوز التصريحات الرسمية والخطب المعتادة، ونسأل سؤالاً بسيطًا وبريئًا:
ماذا يفعل المواطن البسيط في كادقلي؟

ذاك المواطن الذي لم يحمل سلاحًا، ولم ينتمِ إلى أي جهة، هو نفسه الذي استيقظ ليجد رزقه قد سُرق، وسوقه قد نُهب، وعين الدولة – لا ندري – أين تنظر أو تراقب.

لا ننكر وجود “طابور خامس” أو “خلية نائمة” – فهي موجودة في كل البلاد –
لكن حقًا، المواطن الكادح في كادقلي هو ضحية مستيقظة، تواجه كل صباح رعبًا ثلاثي الأبعاد:
غلاء فاحش، حصار خانق، وفقدان أمان.

المشهد مؤلم، بل مؤلم جدًا.

أطفال كادقلي لا يسألون عن السياسة، بل يسألون: “لماذا لا نأكل مثل باقي الأطفال؟”
وأمهات كادقلي لا يناقشن التحالفات، بل يبحثن عن دواء مفقود أو حفنة طحين لا تُشترى.

ما حدث في السوق ليس مجرد عمل إجرامي فقط، هو صفعة جديدة على وجه المدينة والمواطن، ذاك الذي أنهكته الحياة، وجعلته رهينة خوف دائم:
الخوف من الجوع، والخوف من الحرب والخوف من أن ينهب الغلاء ما تبقى من حاجاته قبل أن ينهبها السارق.

في كادقلي، لم يعد هناك ما يُنهب سوى الكرامة.
والكرامة حين تُسلب، لا تُعيدها التصريحات، بل تُعيدها العدالة، والرحمة، والرؤية الإنسانية التي تضع الإنسان قبل أي مؤسسة.

فدعونا نسأل بصدق: كيف يعيش هذا المواطن؟

ولكم أنتم، من تحملون السلاح وتدّعون تمثيل الهامش – مليشيا الدعم السريع المتمردة، والحركة الشعبية جناح الحلو:
هل تدركون أن ما تفعلونه يضاعف معاناة أهلكم؟
هل تسمعون صرخات الأطفال الذين لا يجدون قوتهم؟
هل رأيتم دموع الأمهات العاجزات، وذلّ الآباء الواقفين في طوابير الخبز، بلا أمل؟
أليس هذا الشعب الذي تقولون إنكم تناضلون من أجله، هو من تدفعونه اليوم نحو الجوع واليأس والانهيار؟

كادقلي لا تحتاج فقط إلى خطط أمنية، بل إلى قلب ينبض بها، وعين ترى أهلها من واقعهم البسيط:
الغذاء، الدواء، الكساء،و الأمان.

كادقلي اليوم ليست بخير.
والمواطن فيها لا ينتظر خطابًا، بل ينتظر من يمسك بيده حقًا.


على سبيل الأمل

ورغم كل هذا الألم، يظل في كادقلي بصيص لا ينطفئ، وإيمان راسخ بأن ليل المعاناة – مهما طال – لا بد أن ينجلي.

فالمواطن هناك، رغم الجوع والخوف والخذلان، لا يزال يتمسك بالحياة، لا يزال يُحب، ويُربي أبناءه على الصبر، ويزرع الأمل في جبراكة مثقلة بالحرب.

نعم، كادقلي اليوم تعاني ،
لكن أهلها، رغم المعاناة، ما زالوا ينتظرون من يمد إليهم يد الإنصاف، ومن يسمع صوتهم عبر ضمير حيّ لا يغضّ الطرف عن تلك المدينة الصابرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى