حتى لا يصبح العدل انتقائيًا ضل الحراز: علي منصور حسب الله

حتى لا يصبح العدل انتقائيًا
ضل الحراز: علي منصور حسب الله
متابعات: ريام نيوز ١٥ سبتمبر ٢٠٢٥
في مشهدٍ يعكس العبث السياسي والاختلال القيمي عُقد مؤتمرٌ صحفي فاخر في إحدى قاعات مدينة بورتسودان ضمّ مجموعة من الأشخاص الذين لا يُعرف لهم وزن سياسي ولا يُنتظر منهم أن يلعبوا أي دور يُذكر في دعم القوات المسلحة أو تحييد مليشيا الدعم السريع لم يكن هذا المؤتمر الأول من نوعه ولن يكون الأخير تتبدّل الوجوه وتتغير القاعات لكن السيناريو يظل كما هو مجموعة تخرج فجأة من العدم تُمنح صفات رسمية كمستشارين وتُحاط بهالة من الحفاوة الإعلامية دون أن يكون لهم موقف وطني مُعلن أو دور فاعل خلال اشتداد أتون الحرب أو حتى تاريخ سياسي يُبهر أو يُذكر وفي المقابل يقبع خلف القضبان الدكتور محمد العاجب إسماعيل الصافي القانوني الضليع والسياسي المعروف بتهمة التماهي مع مليشيا الدعم السريع تهمة لا تزال بلا محاكمة عادلة رغم أن الرجل لم يحمل سلاحًا ولم يشارك في أي معركة بل جاء إلى بورتسودان طوعًا مدفوعًا بإيمانه بوطنه وتجاوبًا مع ما أعلنه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مرارًا وتكرارًا عفو عام وشامل لكل من لم تتلطخ أيديهم بالدماء قال البرهان في أكثر من مناسبة وبوضوح لا يحتمل التأويل (أبواب الوطن ما تزال مفتوحة أمام كل من يحكم عقله ممن يحمل السلاح والعفو عن الحق العام ما زال ممكنًا ومتاحًا)
البرهان 29 مارس 2025 فإذا كان هذا العفو يشمل حتى من قاتلوا في صفوف المليشيا فلماذا يُستثنى منه رجل لم يحمل سلاحًا ولم يُجبر على الحضور بل جاء برجليه؟ أليس من الأولى أن يُعامل بمنطق الإنصاف لا بمنطق الانتقام أو الإقصاء؟ بل أكد البرهان في تصريح آخر (لا تراجع عن هزيمة مليشيا الدعم السريع ولكن أبواب الوطن مفتوحة لكل من يحكم عقله ويثوب إلى الحق) وفي أبريل 2023 صدر قرار رسمي بالعفو العام عن كل من يُلقي السلاح من أفراد الدعم السريع في خطوة فُهمت حينها على أنها رغبة جادة في طي صفحة الصراع وفتح الطريق أمام مصالحة وطنية حقيقية إذن السؤال البديهي
لماذا لا يُعامل الدكتور محمد العاجب بذات المبدأ ؟ بل من باب أولى لماذا يُحبس من جاء طواعية بينما يُحتفى بمن التحقوا لاحقًا دون تاريخ معلوم أو موقف معلن؟ ما يحدث اليوم هو التطبيق العملي القبيح لقاعدة (المرأة المخزومية) التي كاد أن يُعطل فيها حدٌّ من حدود الله لولا عدالة رسول الله حين قال قولته الخالدة
(والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)
نحن أمام دولة تُكرِّم العلاقات وتُقصي المواقف دولة تُكافئ التماهي وتُعاقب الوطنية دولة تمنح الألقاب لمن لا يستحقون وتُقصي أصحاب التاريخ والمواقف فقط لأنهم اختاروا طريقًا أصعب من التصفيق في القاعات
رسالتنا إلى الفريق أول البرهان إذا كان هناك عفو فيجب أن يشمل الجميع وإذا كانت هناك عدالة فلا بد أن تُطبَّق على الجميع أما أن تُمنح الحظوة للبعض دون غيرهم فتلك انتقائية لا تليق بوطن يسعى للنجاة من أزماته
ذلك نسفٌ لمبدأ المساواة الذي يُفترض أن يكون أساس أي دولة تحترم نفسها
الحرية للدكتور محمد العاجب
العدالة لكل من يستحقها
والمحاسبة الحقيقية لأولئك الذين يسيئون استخدام القانون باسم الدولة.