ايمانياتمقالات
أخر الأخبار

قبس من نور | نفحات القرآن في حياة المؤمن

ريام نيوز 26 سبتمبر 2025م
يظل القرآن الكريم كتاب الهداية الخالد، والرسالة الربانية التي أنزلها الله تعالى على نبيه محمد ﷺ رحمةً للعالمين. لم يكن نزوله مجرد نصوص تُتلى أو عبارات تُحفظ، بل هو دستور حياة شامل، يحمل في آياته مبادئ الإصلاح، وموازين القيم، ومفاتيح السعادة في الدنيا والآخرة. ومن أعظم صور الارتباط بهذا الكتاب الكريم: تلاوته وتدبره والعيش في أنواره.

القرآن حياة القلوب ونور البصائر، فهو يداوي جراح الروح، ويغسل القلوب من همومها، ويغرس في النفس الطمأنينة والسكينة التي تعين الإنسان على مواجهة تحديات الحياة. قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]. وما أجمل أن يعيش المرء مع آيات ربه فيجد فيها عزاءه وقوته، وهداه ورشده.

وقد رغّب النبي ﷺ في قراءة القرآن وبيّن عظيم فضلها، فقال: “من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف” [رواه الترمذي]. فما أعظم هذا الأجر الذي يتضاعف مع كل حرف، ليجعل التلاوة تجارة رابحة مع الله لا يخسر صاحبها أبدًا.

ومن المبشرات العظيمة أن القرآن يكون شفيعًا لقارئه يوم القيامة، كما قال النبي ﷺ: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه” [رواه مسلم]. فيوم يقف الناس بين يدي الله، يكون القرآن نورًا وشفاعة لأهله، يدافع عنهم ويُكرمهم عند ربهم.

غير أن التلاوة الحقّة لا تقف عند تحريك الألسنة وترديد الحروف، بل تمتد إلى التدبر العميق والعمل الصالح. فالمسلم حين يقرأ آيات الرحمة يستشعر رحمة الله بالعباد، وحين يتلو آيات الوعيد يخشى مقام ربه ويتجنب المعاصي، وحين يقف على قصص الأنبياء يستلهم منها الصبر والثبات. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “لا تهذّوا القرآن هذّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.”

وما أحوجنا اليوم إلى أن يكون للقرآن نصيب يومي في حياتنا، نتلوه آناء الليل وأطراف النهار، نستفتح به أيامنا، ونختم به ليالينا، ليكون زادًا للروح، ونورًا للعقل، وأمانًا للقلب. فهو الصاحب في الدنيا، والشفـيع في الآخرة، والسبب لرفعة الدرجات عند الله. ومن وُفّق لملازمته كان من أهل الله وخاصته كما قال النبي ﷺ: “إن لله أهلين من الناس.” قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: “هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته” [رواه ابن ماجه].

فالقرآن الكريم هو العهد الذي بيننا وبين ربنا، ومن أقبل عليه قراءةً وتدبرًا وعملاً، عاش في أنواره، وسار في دروب الحياة ثابت الخطى مطمئن القلب، حتى يلقى الله وهو راضٍ عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى