
الوفاء خُلُق نبيل من أخلاق المؤمنين، يجمع بين الصدق والإخلاص، ويقوم على حفظ العهد ورعاية الحقوق. هو دليل صفاء القلب ونبل الطبع، وبه تُصان المودة وتستقيم العلاقات. وقد أمر الله تعالى بالوفاء في كتابه فقال:
“وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا”
الوفيّ هو من يثبت على الحق، ويحفظ الودّ، ويصون المعروف، فلا يغدر ولا ينكر الجميل. وإذا وعد وفّى، وإذا عاهد صدق، وإذا استؤمن أدّى الأمانة. ومن أجل ذلك كان الوفاء من صفات الأنبياء والصالحين، فقد وصف الله نبيه إسماعيل عليه السلام بقوله:
“إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ”
وقد تجلّى الوفاء في حياة نبينا ﷺ أروع ما يكون، فقد كان وفيًّا مع ربه، ومع أصحابه، ومع أعدائه أيضًا. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله ﷺ إذا قال فعل”، وكان ﷺ يكرم أصدقاء خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها وفاءً لها، حتى قالت عائشة رضي الله عنها: “ما غرتُ من امرأة ما غرتُ من خديجة، وما رأيتُها قط، ولكن كان النبي ﷺ يكثر من ذكرها، وربما ذبح الشاة فيقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة” (رواه البخاري ومسلم).
الوفاء لا يحتاج إلى مكانة ولا مال، بل إلى قلب يعرف قيمة المعروف، ويقدّر من أحسن إليه، ويصون عهده مع الله قبل الناس. وهو خُلُق يورث الثقة، ويجمع القلوب، ويجعل صاحبه محبوبًا عند خالقه ومكرّمًا بين عباده.
وفي يوم الجمعة، يوم العهد مع الله، نتذكّر أن الوفاء ليس مجرد كلمة، بل سلوك يعكس الإيمان وصدق الانتماء، ومن وفّى بعهده مع الله، وفّى الله له بوعده، وجعل له لسان صدقٍ في الآخرين.