
قبس من نور / التكافل.. رحمة في زمن الشدائد
ريام نيوز
في خضمّ الأزمات والشدائد، تتجلّى معادن الناس، وتظهر القيم التي تحفظ للمجتمعات تماسكها. ومن أعظم تلك القيم التي دعا إليها الإسلام وأكّدها النبي ﷺ: التعاون والتكافل. فما من مجتمع اشتدت عليه الخطوب إلا وكان التعاون صمام أمانه، والتكافل روحه التي تُعيد إليه الحياة. قال الله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، وفي السودان اليوم، حيث الحرب أثقلت كاهل الناس، وتشتّتت الأسر، وضاقت سبل العيش، يبرز نداء الإيمان والإنسانية معًا: مدّ يد العون، ومواساة الملهوف، ومشاركة القليل الذي نملك مع من لا يملك شيئًا. فالتكافل ليس تفضُّلًا، بل واجب ديني وأخلاقي، وهو ما يجسّد قول النبي ﷺ: “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.”
ثمرات التعاون والتكافل عظيمة، فهو يوطّد أواصر الوحدة الوطنية والاجتماعية، ويخفّف المعاناة عن المتضررين والمحتاجين، وينشر روح الأمل رغم الألم، كما يضاعف الأجر والثواب عند الله تعالى. ويبدأ التكافل من القلب قبل الجيب، ومن المبادرة قبل النداء، بالتصدق ولو بالقليل، وبمشاركة الطعام والمأوى، وبمساندة الجيران، وبالكلمة الطيبة التي تبثّ الأمل في النفوس المنكسرة. كما يمكن أن يمتد التعاون إلى المبادرات المجتمعية التطوعية، وجمع التبرعات، ومساندة الأسر النازحة، فكل ذلك عبادة لا تقل عن الصلاة والصوم في أجرها وقيمتها.
في زمن الحرب، يصبح التعاون ليس خيارًا بل ضرورة للبقاء، ويغدو التكافل عنوانًا للرحمة والإيمان. فلنكن ممن يمدّون أيديهم بالعطاء، لا ممن ينتظرون، ولنجعل من تضامننا نورًا يبدّد ظلمة هذه المحنة. فقد علّمنا الإسلام أن من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. وجمعتكم مباركة، وسلامٌ على السودان وأهله.



