مقالات

ثورة ديسمبر: قراءة في البداية والمآلات

خالد الإعيسر يكتب…

كثيرون يؤرخون لثورة الشعب السوداني في عام 2018، كل حسب متابعته للأحداث، أو ارتباطه الأيديولوجي، أو محاولته ربطها بحراكٍ قاده حزبه أو منطقته أو مدينته. غير أن البداية الحقيقية كانت يوم 10 ديسمبر 2018م في موقف الشنقيطي بسوق أم درمان، حيث خرجت مظاهرة لعدد من النشطاء والمتسوقين فرقتها الشرطة، وتشهد على ذلك محركات البحث التي تؤرّخ للمواد المنشورة بتاريخ وساعة النشر بدقة.
وعموماً، ليست هذه هي القضية الأساسية؛ أي كيف بدأت الثورة، وأين بدأت، ومن بدأها، لأن الشعب السوداني بمختلف قطاعاته وفي كل مدن السودان شارك في انطلاقتها واستمرارها بفاعلية، وأسهم في نجاحها بإسقاط النظام الحاكم. وهذه القضايا، على أهميتها في التوثيق، لا تُعد جوهرية إذا ما قورنت بما آلت إليه الثورة من نتائج مأساوية وكارثية قادت الدولة وشعبها إلى هذا الدرك من الصراعات المدمرة، في حين كان بالإمكان أن تقود إلى تغييرٍ كامل في وجه الحياة في السودان ومستقبل أجياله وفق ما خطط له وسعى من أجله الشعب.
المهم أنه من الأفضل أن تُسمى في كتب التاريخ “ثورة ديسمبر” وكفى. لكن الواقع أنها حملت أسراراً كثيرة لم تُكشف بعد، غير أن أسوأ ما فيها أنها سُرقت من قبل فئة صغيرة ليس لها سند جماهيري، وكان سارقوها هم من قادوا الدولة والشعب إلى المأساة التي يعيشها السودان اليوم. فالذين سرقوا مجهودات الشعب هم أنفسهم من تسببوا في فشلها وتعثرها وإشعال نيران الحرب، بينما أصبح من استعدوهم بالأمس هم من يعملون اليوم على إطفاء نيران الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل ظروف بالغة التعقيد.
وعلى الشعب السوداني أن يتعظ مستقبلاً، وألا يسلم أمره -مهما كانت المبررات- لمجموعة من الخونة والعملاء، خدّام الأجندات، الذين ليسوا أمناء عليه ولا على مصالحه، ممن يعملون لمصالح دولٍ وأجندات خارجية لا علاقة لها بالشعب، ولا بهمومه، ولا بأمنه، ولا باستقراره.
السودان لكم، وأنتم من يصنع مستقبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى