في صباح الجمعة بمطار بورتسودان .. عودة رئيس الوزراء ورؤية سودانية جديدة للسلام

متابعات : ريام نيوز
عند تمام الساعة التاسعة من صباح أمس الجمعة، اتجهت أنظار السودانيين وكاميرات وسائل الإعلام المحلية والعالمية نحو مطار بورتسودان الدولي، في مشهد عكس أهمية اللحظة ودقة التوقيت، ترقبًا لوصول طائرة رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس، العائد من نيويورك، وهو يحمل معه مبادرة حكومة السودان للسلام، بعد مشاركة وُصفت بالتاريخية في أعمال الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
ومع توافد الصحفيين وفرق البث المباشر، بدأ وصول عدد من الوزراء وكبار المسؤولين إلى المطار، يتقدمهم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، ووزيرة الصناعة، ووزير الحكم الاتحادي ووزير الإرشاد والأوقاف ووزير المعادن ووزيرة الدولة بالموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، إلى جانب عدد من المسؤولين والدبلوماسيين المعتمدين، في مشهد عكس وحدة الصف الرسمي والتفافه حول المبادرة القومية للسلام.
وحطّت طائرة رئيس الوزراء وسط استقبال رسمي، قبل أن يتجه الدكتور كامل إدريس مباشرة إلى قاعة المؤتمر الصحفي بالمطار، حيث كان في انتظاره حشد من ممثلي وسائل الإعلام.
وافتتح المؤتمر الصحفي وزير الثقافة والإعلام والسياحة الأستاذ خالد الإعيسر، مرحبًا بالحضور، ومقدّمًا رئيس مجلس الوزراء، ومشيرًا إلى أهمية الزيارة وما تحمله من دلالات سياسية ودبلوماسية في هذا التوقيت الدقيق الذي تمر به البلاد وموضحا الدلالات اللغوية لكلمة مبادرة حكومة السودان للسلام ورؤية حكومة السودان للسلام، شارحا ان ظروفا أسرية واجتماعية حالت دون مرافقته لوفد رئيس الوزراء في مهمته لنييويورك.
وفي مستهل كلمته، قال الدكتور كامل إدريس:
«عدت للتو من نيويورك بعد زيارة تاريخية، شهدت أنشطة متعددة في غاية الأهمية والاستراتيجية، تتسم بالدقة والخطورة، وتهدف في جوهرها إلى فتح مسار جاد وفعّال للسلام».
ووجّه رئيس الوزراء شكره لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ولرئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي، على متابعتهم الدقيقة وإشرافهم المستمر على المبادرة منذ مراحلها الأولى، كما ثمّن دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأعضاء مجلس السيادة ومجلس الوزراء، والقوات المسلحة والشرطة والمستنفرين، وكل من أسهم في ما وصفها بـ«المعركة الوجودية» بفكره أو ماله أو قلمه.
تنوير أممي ومسار دبلوماسي منظم؛
وأوضح إدريس أن الزيارة بدأت بفعالية التنوير الإعلامي داخل الأمم المتحدة، وهو إجراء متبع يسبق جلسات مجلس الأمن، ويهدف إلى تقديم إحاطة غير تفاعلية وسريعة توضح موقف الدولة ورؤيتها، وفق التقاليد والإجراءات المعمول بها منذ تأسيس المنظمة الدولية، لتفادي أي لبس أو سوء فهم.
وأضاف أن الوفد السوداني شارك عقب ذلك في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي، وهي جلسة تحضرها جميع الدول، لا سيما المعنية بالقضية السودانية، مؤكدًا أن السودان قدّم خلالها رؤيته للسلام، وسط تفاعلات إيجابية من عدد من الدول الأعضاء.
لقاءات دولية داعمة:
وأشار رئيس الوزراء إلى عقد لقاءات مهمة مع الأمين العام للأمم المتحدة، وصفها بالمثمرة والداعمة للسودان، إلى جانب اجتماع مع رئيس مجلس الأمن، فضلاً عن لقاء المجموعة الإفريقية داخل المجلس، التي تنتهي ولايتها بنهاية العام الجاري، مؤكدًا أن هذه المجموعة أبدت دعمًا قويًا للسودان، وشاركت بفاعلية في الترويج للمبادرة السودانية التي طُرحت داخل مجلس الأمن.
كما شملت اللقاءات مجموعة الدول الإفريقية الأعضاء في المجلس، مشيرًا إلى أن هذه الدول قدّمت دعمًا مطلقًا للسودان في قضيته العادلة، وفي مبادرته الوطنية للسلام.
وتطرّق إدريس إلى اللقاءات الثنائية مع الوفدين المصري والتركي، إضافة إلى لقائه بالجالية السودانية في الولايات المتحدة، مؤكدًا دورها المحوري في دعم القضايا الوطنية، ووقوفها الصلب خلف المبادرة القومية للسلام.
مبادرة قومية بملكية سودانية خالصة:
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن مبادرة حكومة السودان للسلام «مبادرة قومية خالصة»، و«ملك للشعب السوداني قاطبة»، مشددًا على أنها تنطلق من إرادة وطنية مستقلة، وليست مفروضة من أي جهة خارجية.
وأوضح أن الوفد السوداني، خلال التنوير الذي سبق جلسة مجلس الأمن، قدّم شكره لعدد من القادة الدوليين، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعدد من القيادات الإقليمية، تقديرًا لمبادراتهم الداعمة لمسار السلام في السودان، مؤكدًا أن المبادرة السودانية تأتي مكملة لهذه الجهود وليست بديلة عنها.
كما ثمّن دعم عدد من الشخصيات الدولية، وعلى رأسهم مسعد بولس مستشار ترامب للشؤون الأفريقية ووزير الخارجية الأمريكي، مشيرًا إلى شجاعتهم في دعم السلام في السودان.
من موقع التلقي إلى موقع المبادرة:
وقال إدريس إن السودان، وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، انتقل من موقع التلقي إلى موقع المبادرة داخل مجلس الأمن الدولي، مضيفًا: «هذه هي المرة الأولى التي نغادر فيها مقاعد المتفرجين، وندخل الملعب الدولي مباشرة، لا كمتلقين، بل كدولة تقدّم مبادرة سلام بملكية سودانية خالصة».
واعتبر أن هذا التحول يعكس اعترافًا دوليًا كاملًا بالحكومة المدنية في السودان، ويؤكد جدية الدولة في الانخراط الإيجابي مع المجتمع الدولي.
وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن الحكومة السودانية «داعية سلام لا حرب»، نافيًا الانطباعات السائدة حول رفض السودان لمسارات السلام، ومؤكدًا أن السلام خيار استراتيجي وثابت للشعب السوداني.
دعم دولي وخطوات قادمة:
وأشار إدريس إلى الدعم الذي تلقاه السودان من عدد من الدول، بينها روسيا والصين وباكستان، إلى جانب قطر وتركيا وإريتريا، مؤكدًا أن هذه اللقاءات عززت فرص تبني الرؤية السودانية للسلام إقليميًا ودوليًا.
واختتم رئيس مجلس الوزراء حديثه بالتأكيد على أن زيارته إلى نيويورك تمثل «زيارة تاريخية بكل المقاييس»، وأن المرحلة المقبلة ستشهد العمل على تحويل هذه الرؤية إلى خطوات عملية، تفضي إلى سلام عاجل وشامل، يعيد الاستقرار والأمن إلى ربوع السودان.



