الأعمدة ومقالات الرأي
أخر الأخبار

إيمان مزمل تكتب : الأمل الجديد… الإنسانية تصرخ من كادقلي والدلنج

ريام نيوز ١٩ أغسطس ٢٠٢٥م
في اليوم العالمي للعمل الإنساني، يطل علينا سؤال موجع للضمير: ما جدوى الاحتفال بالشعارات والبيانات، فيما يموت الناس جوعًا على أرض السودان؟

في كادقلي والدلنج يعيش المواطنون منذ أكثر من عامين تحت حصار خانق حرمهم من الغذاء والدواء. صارت الحياة هناك معركة يومية من أجل لقمة تسد الرمق. الغلاء ينهش ما تبقى من جيوب الأسر، والمرض يفتك بالضعفاء لغياب الدواء، وأطفال أبرياء يبحثون في القمامة عن ما يمكن أن يؤكل.

منذ إغلاق الطريق القومي الرابط بين الأبيض – الدبيبات – الدلنج – كادقلي، لم نتوقف عن الصراخ لإيصال صوت المعاناة. واليوم لم يعد الأمر خافيًا؛ فالجميع يعلم أن هناك بشرًا ينامون لأيام بلا طعام، ومع ذلك لا نرى سوى وعود وابتسامات دبلوماسية لا تُشبع جائعًا ولا تنقذ مريضًا.

إنها مفارقة قاسية: بلد يفيض بالخيرات الزراعية والحيوانية، وفي الوقت ذاته يموت فيه إنسان جوعًا لأن الحرب سلبته حقه في الحياة الكريمة. الحرب لم تدمر البيوت فقط، بل فجرت معها شرور التفلتات والفوضى، حيث يسعى كل فرد يائس لتأمين لقمة يسد بها جوع أطفاله ولو على حساب الآخرين. ومع الجوع ينتشر المرض، وتتفاقم حالات سوء التغذية، ويأتي الخريف محمّلًا بالأوبئة، فيجد المواطن نفسه بين خيارين: أن يموت جوعًا أو مرضًا أو غبنًا.

هل يُعقل أن يظل العالم يتغنى بالإنسانية بينما أطفال السودان يواجهون الموت بسبب الجوع؟
هل يُعقل أن تتحول الشعارات إلى غطاء لعجز المجتمع الدولي عن أداء واجبه الأخلاقي؟

في هذا اليوم، لسنا بحاجة إلى بيانات تضامن جديدة، بل إلى خطوات عملية عاجلة، أهمها:

إدخال المساعدات الإنسانية فورًا إلى كادقلي والدلنج والمناطق المحاصرة.

فتح الطريق القومي لإيصال الغذاء والدواء بلا قيود.

توفير الغذاء للأطفال قبل أن يلتقطوه من القمامة.

إيصال الإنسانية تصرخ من كادقلي والدلنج
اج للمرضى قبل أن يفتك بهم العجز.

حماية المدنيين من القصف والتشريد.

إن اليوم العالمي للعمل الإنساني يجب أن يكون جرس إنذار يوقظ الضمائر، لا مناسبة رمزية تمر كما سبقتها. إنسان جنوب كردفان لا يريد شعارات ولا خطابات، بل يريد حقه الطبيعي في الحياة الكريمة.

فلْتتحرك الضمائر قبل أن يُكتب في صفحات التاريخ أن الإنسانية كانت حاضرة كشعار، وغائبة كفعل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى