الأعمدة ومقالات الرأي

يوسف عبد المنان في خارج النص يكتب : الوزير المغادر

خارج النص
الوزير المغادر!!

متابعات ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥

ربما غادر السفير محي الدين سالم وزارة الخارجية في غضون شهور معدودة وبذلك تخسر البلاد كادرا دبلوماسيا رفيع المستوى ولاتكسب وزيرا مثل رفقاء بعدد الحصي منهم من ترك أثرا باقيا لسنوات ومنهم من ذهب مع غير حتى تبديل مقاعد مكتبه الأنيق وفي عهد الإنقاذ مكث الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل لمدة عشرة سنوات مابين وزير دولة ووزير كامل الصلاحيات وأربعة سنوات في مجلس الصداقة الشعبية العالميه وحينما غادر كرسي الوزارة وسقطت الإنقاذ لم يفتح الله عليه بكلمة أو مقال حتى عن تجربته الشخصية واختار مغادرة المشهد كليا والخلاص الذاتي ونحن في بلد نبحث فيها عن الخلاص الجمعي وتقلد الخارجية المحامي علي كرتي وكان من الوزراء الذين وضعوا بصمتهم واخلص لبلاده حد مواجهة الرئيس البشير وتقريظه له في البرلمان وقوله أن خطاب واحد للبشير في قرية نائية يهدم احيانا جهود دبلوماسية أنفقت فيها الخارجية أسفار وترحال
وكان الدرديري محمد أحمد وزيرا من طينة المثقفين القراء مثله منصور خالد وأحمد خير المحامي وفي سنوات مابعد الثورة أصبحت وزارة الخارجية أولى ضحايا اضطراب السياسات وغموض التوجهات السياسية وتضارب المواقف بين العسكر والمدنيين وشهدت ايام حمدوك تعين امرأة تدعي أسماء قيل إنها صديقة لحرم حمدوك تؤانسها في وحشة ليالي أديس الباردة وجاءت من بعدها مريم الصادق المهدي واصبحت وزيرة طائرة مثل مصطفى عثمان الذي أطلق عليه طائر الشفق الغريب وبعد إزاحة حمدوك لم تستقر الخارجية واصبح لها مشرفا من المجلس السيادي والان غادرها وزير دولة بطريقة مريبة ولاتليق بدولة مثل السودان لها مالها على الصعيد الخارجي وجاء اخيرا السفير محي الدين سالم وهو دبلوماسي عريق وله تجارب عديدة وعلى قدر من التهذيب الرقي والأدب والثقافة ومسنودا بمنظومة اجتماعية عريضة في بادية كردفان الرميلة ولكن بكل أسف لن يستمر الوزير طويلا في موقعه وذلك لجملة أسباب
أولها أن الدولة الآن في حالة اضطراب في سياستها الخارجية أن وجدت سياسية اصلا متفقا عليها من قبل صناع القرار بعض من قادة الدولة مع الولايات المتحدة والدول الغربية حتى الآن والبعض الآخر مع روسيا وإيران وقطروتركيا والصين والبعض الآخر تتقمصه أوهام الحياد مابين الغرب والشرق وبذلك يجد وزير الخارجية نفسه مثل بدوي رمت به الاقدار في شارع الشانزلزيه في باريس لايعرف إلى أين يتجه
ثانيا نجاح وزير الخارجية وكذلك نجاح وزير الاعلام رهينان بأن يصبحا من صناع القرار في الدولة ولهذا السبب غضب صناع القرار على الأعيسر وتم إسكات صوته كما صمت ياسر العطا منذ شهور فهل السفير محي الدين سالم يسمح له بأن يصبح من صناع القرار في البلد؟ ام مطلوبا منه التعبير عن مواقف ليس من صناعها؟
واخيرا فإن السياسية الخارجية هي في الواقع تمثل تعبيرا عن السياسة الداخلية في أي بلد
ومن هنا فإن وزير الخارجية محي الدين بكل تجربته سيمضي في طريق يفيض بالاشواك والمتاريس وضبابية الرؤيا فإما أن يذهب من تلقاء نفسه أو يتم الاستغناء عن خدماته مثل السفير على يوسف والسفير عمر صديق أو ارتضى لنفسه دورا باهتا يمشي في الظل اتقاء حر الصيف ويجلس في( السهراية) اتقاء برد الشتاء وكلاهما لايليقان برجل مثل محي الدين سالم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى