الأمل الجديد إيمان مزمل الرشيد تكتب: كادقلي.. رسائل من أجل الإنسانية

الأمل الجديد
إيمان مزمل الرشيد تكتب: كادقلي.. رسائل من أجل الإنسانية
ريام نيوز الأحد ١٤ يونيو ٢٠٢٥م
_______
في قلب جبال النوبة، تختنق مدينة كادقلي تحت وطأة حصار قاسٍ فرضته الحرب.
مدينةٌ صابرة، أنهكتها الأزمات، وأطفأت أنوارها بلا كهرباء، وجفّت فيها صنابير المياه، وأسكت الجوع أصوات أطفالها.
كادقلي اليوم لا تصرخ، بل تختنق في صمت، تعاني وجعًا يتغلغل في تفاصيل الحياة اليومية، وتُركَع بأزمة إنسانية خانقة لا تجد لها أذنا صاغية.
________
كادقلي.. المدينة التي لا حول لها ولا قوة
هذه المدينة الطيبة، التي لم تعرف إلا الصبر والعزيمة، تواجه الآن واقعًا مريرًا يفوق الخيال.
حتى الأمل، بات حبيس جدران المعاناة، يذبل كل يوم في عيون أمهات لا يملكن شيئًا يقدمنه لأطفالهن، سوى الدعاء والصبر.
كادقلي لا تقاتل اليوم من أجل الحرية أو الكرامة، بل من أجل لقمة تسد الجوع.
الحرب حاصرت الناس، وقطعت عنهم الإمدادات، شحّ الطعام، وأصبحت الحياة لا تطاق
من يدفع الثمن؟
انه المواطن البسيط، الذي لا سلاح له سوى الصبر، ولا مطلب له سوى الحياة.
_____
مناشدة إلى أبناء المدينة في التمرد
يا من حملتم السلاح باسم التغيير، انظروا إلى مدينتكم التي تحتضر تحت الحصار والجوع والمرض.
كادقلي التي منحتكم الحياة، لا تستحق منكم كل هذه القسوة.
من يعاني اليوم ليس خصمًا لكم، بل أهلكم: أمهاتكم، إخوتكم، أطفالكم، وجيرانكم الذين تقاسمتم معهم الحياة.
أي نضال هذا الذي يحرم عجوزًا من الخبز، وطفلًا من الدواء؟
إن النضال الحقيقي لا يصنع مآسي جديدة، بل يرفع الظلم ويزرع الأمل.
لكن ما نراه اليوم هو معاناة لم يشهد لها أهل المدينة مثيلًا، حتى باتوا يترحمون على ماضٍ كانوا يظنونه قاسيًا، فإذا بالحاضر أكثر قسوة ومرارة.
عودوا إلى صوت العقل، لا صوت البندقية.
كادقلي لا تستحق أن تكون ساحة للانتقام، بل حضنًا لأبنائها وللإنسانية جميعًا.
فمن يعاني الآن هو المواطن البسيط.
إن التاريخ لا يرحم، ولن ينسى من حاصر أهله وجوّعهم.
______
رسالة إلى الحكومة:
نداء استغاثة من كادقلي: مدينة تحتضر وتنزف بصمت!
كادقلي الآن هي قلب المأساة النابض، مدينة تُحتضر أمام أعينكم، تنزف بصمت وتعيش على حافة الانهيار. أين أنتم من كادقلي؟
أين الاتفاقيات التي وقعتموها مع الأمم المتحدة وعبد العزيز الحلو ودولة جنوب السودان لإيصال المساعدات والإسقاط الجوي؟ أين المعابر التي فُتحت لعبور الغذاء والدواء؟ هل أصبحت كادقلي في طي النسيان؟
ألم يكن من الأجدر بالحكومة، والحلو، ودولة جنوب السودان، والأمم المتحدة أن يتوجهوا إلى مواطني المدينة بخطاب يوضح أسباب فشل تنفيذ ما اتُّفق عليه في الزمان والمكان المحددين وعبر الآليات والوسائل المتفق عليها؟ أم أنه كان مجرد اتفاق انتهازي؟
الوقائع الماثلة على الأرض لا ترحم صمتكم وفشلكم في إيصال المساعدات للإنسان. هل أصبحت أرواح الناس مجرد أرقام في التقارير؟ أم أن معاناتهم لا تصل إلى طاولات القرار؟
كادقلي ليست مدينة في التاريخ المنسي، إنها مدينة تُعاني في الواقع، اليوم، تحت أعينكم بلا تدخل، بلا إنقاذ، بلا إنصاف.
______
إلى منظمات المجتمع المدني والإنساني:
كادقلي اليوم ليست على هامش الحاجة، بل في قلب الأزمة.مدينة منهكة، تُصارع الموت بصمت، وتبحث عن يدٍ تُنقذها من هذا الجحيم.
أين أنتم؟ أين هو الحياد الإنساني الذي تنادون به؟
كادقلي حقا لا تملك شيئًا، فقط شعبٌ يصارع البقاء.
فلتكن مساعداتكم عادلة، إنسانية، بلا تحيّز هذا هو وقت الموقف الإنساني الحقيقي، لا وقت التردد.
مدّوا يد العون إلى المدينة فأنتم الأمل المتبقي لأناس لا يملكون سوى الرجاء.
____
إلى تجار الأزمات:
اتقوا الله في أهل كادقلي.
المدينة محاصَرة بالجوع والمرض، والناس لا تملك ما يسد الرمق، فكيف يُبرَّر رفع الأسعار واحتكار السلع؟
احتكار الطعام والدواء في زمن الحرب ليس شطارة، بل خيانة لأمانة الوطن والناس.
ما تفعلونه لا يُظهر قوة، بل يعرّي القلوب من الرحمة.
في وسعكم أن تساعدوا، فقط بكبح الجشع، وخفض الأسعار ، خففوا عن الناس، ولا تزيدوا أوجاعهم.
فكل ما يُدّخر ظلمًا اليوم، سيدوّنه التاريخ غدًا.
_______
إلى المواطن الصامد:
أنت الجبل رقم مية.. بثباتك، بصبرك، بصوتك، وبقلبك الذي لم ينكسر رغم كل هذا الألم.
نعلم أن الحياة قاسية، والوجع لا يُطاق، لكننا نعلم أيضًا أن هذا الحال لا يدوم.
تمسكوا بالأمل، فأنتم من يبقي كادقلي على قيد الحياة.
أنتم الصامدون في وجه الجوع، والعطش، والمرض، والحرب.
نعلم أنكم أقوياء رغم كل ما فقدتم، لكن الصبر لا يضيع، وأن في نهاية هذا النفق ضوء، وإن طال الزمان
استمروا في التماسك، فلكم الله، ولكم من يقف معكم بكلمة، بدعاء، أو بقلم.
_______
رسالة إلى الضمير الإنساني:
إلى كل ضمير حي في هذا العالم، إلى كل إنسان في بقاع الأرض، لكم اخوة في الإنسانية، بجنوب كردفان بمدينة كادقلي في بلاد السودان ، الحرب والجوع يفتكان بأهلها، وصمت العالم يزيد معاناتها، هذه صرخة استغاثة من أطفال يتضورون جوعًا، ومن أرواح تتهددها قسوة الحرب.
أنقذوا كادقلي قبل أن تبتلعها العتمة! مدوا يد العون، ارفعوا أصواتكم صحوا ضمائركم قبل فوان الاوان.
هل من يسمع؟